شاءت الأقدار أن يلتقي موعد مقالي هذا الأسبوع مع يوم عرفة، حيث يقف الحجيج بين يدي الله تعالى يؤدون الركن الأساسي في حجهم، الوقوف بعرفات، وبعده توشك المناسك على الانتهاء، فمنهم من عاد بحج مقبول وذنب مغفور بإذنه تعالى، ومنهم من لم ينل من الحج سوى الجهد والتعب والنصب، ومنهم من عاد كيوم ولدته أمه، ومنهم من عاد كما جاء، بل ربما عاد بأكثر مما جاء به من ذنوب وخطايا. فقد قرأت يوما قصة رجل حج مع بعض رفاقه، وأثناء رمي الجمرات قال لقريبة له: اشتقت لزوجتي، فردت متهكمة ساخرة: من جمالها؟، فلما رجع قالت له زوجته: لقد رأيت في المنام أني قد حججت، ففسر البعض أنها قد نالت أجر حجة قريبة زوجها التي تهكمت عليها وسخرت منها.
وبغض النظر عن حقيقة الواقعة، فدلالتها ورمزيتها واضحة، إذ ينبغي أن يتجرد المرء من حجه من كل النقائض والعيوب، فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يغتاب بل ينبغي أن يكون لينا، سمحا، ذاكرا لله تعالى، متعاونا مع رفاقه، داعيا بالخير وللخير، ولا يتكلم إلا بكل ما فيه من الخيرات، لدينه ودنياه.
نستمع إلى كثير من حكايات «وسواليف» العائدين من الحج، عما واجهوه من مشكلات، وما رأوه وشعروا به من بركات، والله أعلم بحقيقة ما يقولون، ولو أنهم صمتوا واحتسبوا، لكان خيرا لهم.
ونعرف كثيرا ممن شدوا الرحال لتأدية الفريضة، ونحن على يقين من أن مأكلهم حرام، وملبسهم حرام ومشربهم حرام، ونتعجب من حرصهم على أداء فريضة الحج، لا لإعلان توبتهم، وإنما كي يستغلوا أداء هذا الركن العظيم من الدين، في إيهام الآخرين، وبخاصة من يتعاملون معهم بأنهم، على تقوى وورع، فقد أكلوا الناس قبل الحج، وعادوا بعده ليواصلوا مسيرتهم، مع أنهم كان عليهم قبل حجهم أن يجتهدوا في رد الحقوق لأصحابها، ولا أرى كيف يقفون هذا الموقف العظيم في هذا اليوم الخالد، يوم عرفة، وقد اغتصبوا الحقوق، وأكلو أموال إخوانهم من الميراث، أو من يعملون لديهم في مؤسساتهم.
إن الله تعالى قد يسامح المرء في حقوقه لكنه لا يسامحه أبدا في حقوق الآخرين، وعليه فإن من الواجب على الحاج قبل أن يشرع في حجه، أن يبرئ ذمته من حقوق الآخرين.
ولا أظن أن الأمر مقصور على الحجاج، إذ علينا نحن الذين لم نوفق في أداء الحج هذا العام، وكل عام ينبغي أن ننتهز الفرصة، وأن نرد المظالم إلى أصحابها، اتقاء لدعوة مظلوم في يوم عرفة، إذ لا نعلم هل يطول العمر بنا حتى نتمكن من رد هذه الحقوق، أم توافينا المنايا ونلقى الله تعالى وعلينا من الديون تجاهه وتجاه خلقه، مالا نحتمل رده يوم القيامة.
يوم عرفة، فرصة لمراجعة النفس، وتصفية الحسابات، ورد الحقوق، وإنهاء الخصومات، فلا يكفي حجنا ولا ينفع، ولا يكفي صومنا ولا يشفع، عندما يقوم الناس لرب العالمين، وتنصب الموازين، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم..
تقبل الله من حجاج بيته حجهم وسعيهم وطوافهم، ووفقهم الله لأداء شعائرهم. وبارك الله في حكومة لم تدخر وسعا لراحة الحجيج، وأجزل الله الثواب لكل من ساعد حاجا، وقدم له العون، وألهمنا الله تعالى الرشد والهداية، ووفقنا إلى رد الحقوق لأصحابها.
«لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» .. وكل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك.
dr.rasheed17@gmail.com
وبغض النظر عن حقيقة الواقعة، فدلالتها ورمزيتها واضحة، إذ ينبغي أن يتجرد المرء من حجه من كل النقائض والعيوب، فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يغتاب بل ينبغي أن يكون لينا، سمحا، ذاكرا لله تعالى، متعاونا مع رفاقه، داعيا بالخير وللخير، ولا يتكلم إلا بكل ما فيه من الخيرات، لدينه ودنياه.
نستمع إلى كثير من حكايات «وسواليف» العائدين من الحج، عما واجهوه من مشكلات، وما رأوه وشعروا به من بركات، والله أعلم بحقيقة ما يقولون، ولو أنهم صمتوا واحتسبوا، لكان خيرا لهم.
ونعرف كثيرا ممن شدوا الرحال لتأدية الفريضة، ونحن على يقين من أن مأكلهم حرام، وملبسهم حرام ومشربهم حرام، ونتعجب من حرصهم على أداء فريضة الحج، لا لإعلان توبتهم، وإنما كي يستغلوا أداء هذا الركن العظيم من الدين، في إيهام الآخرين، وبخاصة من يتعاملون معهم بأنهم، على تقوى وورع، فقد أكلوا الناس قبل الحج، وعادوا بعده ليواصلوا مسيرتهم، مع أنهم كان عليهم قبل حجهم أن يجتهدوا في رد الحقوق لأصحابها، ولا أرى كيف يقفون هذا الموقف العظيم في هذا اليوم الخالد، يوم عرفة، وقد اغتصبوا الحقوق، وأكلو أموال إخوانهم من الميراث، أو من يعملون لديهم في مؤسساتهم.
إن الله تعالى قد يسامح المرء في حقوقه لكنه لا يسامحه أبدا في حقوق الآخرين، وعليه فإن من الواجب على الحاج قبل أن يشرع في حجه، أن يبرئ ذمته من حقوق الآخرين.
ولا أظن أن الأمر مقصور على الحجاج، إذ علينا نحن الذين لم نوفق في أداء الحج هذا العام، وكل عام ينبغي أن ننتهز الفرصة، وأن نرد المظالم إلى أصحابها، اتقاء لدعوة مظلوم في يوم عرفة، إذ لا نعلم هل يطول العمر بنا حتى نتمكن من رد هذه الحقوق، أم توافينا المنايا ونلقى الله تعالى وعلينا من الديون تجاهه وتجاه خلقه، مالا نحتمل رده يوم القيامة.
يوم عرفة، فرصة لمراجعة النفس، وتصفية الحسابات، ورد الحقوق، وإنهاء الخصومات، فلا يكفي حجنا ولا ينفع، ولا يكفي صومنا ولا يشفع، عندما يقوم الناس لرب العالمين، وتنصب الموازين، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم..
تقبل الله من حجاج بيته حجهم وسعيهم وطوافهم، ووفقهم الله لأداء شعائرهم. وبارك الله في حكومة لم تدخر وسعا لراحة الحجيج، وأجزل الله الثواب لكل من ساعد حاجا، وقدم له العون، وألهمنا الله تعالى الرشد والهداية، ووفقنا إلى رد الحقوق لأصحابها.
«لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» .. وكل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك.
dr.rasheed17@gmail.com